تراجع اليورو بشكل كبير خلال جلسة الأربعاء، ما يعكس القوة السائدة للدولار الأمريكي. ولا يعد هذا الانخفاض مجرد تقلبات عابرة، بل هو مؤشر على انهيار كبير في السوق وتحول في الاتجاهات الرئيسية. منذ بضعة أشهر، تمكن اليورو من الوصول إلى مستوى فيبوناتشي 61.8% بعد عمليات بيع شاملة، ولكن منذ ذلك الحين، كان يسير في مسار تنازلي ثابت.
بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن يشهد السوق "تقاطع الموت"، وهو السيناريو الذي يبدأ فيه المتوسط المتحرك لـ 50 يوماً بالتراجع إلى ما دون مؤشر المتوسط المتحرك لـ 200 يوم. ويشير هذا الوضع إلى احتمال حدوث انهيار طويل الأجل، ما يشير إلى تغير في ديناميكيات السوق ومعنويات المستثمرين.
يبدو أن اليورو يتجه حالياً لتحدي المستوى 1.05، وهو رقم كامل ومهم نفسياً. وقد يؤدي الاختراق إلى ما دون هذا المستوى إلى وصول العملة إلى مستوى التكافؤ. ولا يظهر السوق أي علامات على منع حدوث ذلك. وفي حين أن الارتفاعات المؤقتة ممكنة، فمن الواضح أن ضغوط البيع أقوى بكثير من الرغبة بالشراء، ويرجع ذلك بالأساس إلى تزايد المخاوف بشأن الركود في الاتحاد الأوروبي.
لا تزال المخاوف المستمرة بشأن الانكماش الاقتصادي المحتمل في الاقتصادات الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا تؤثر سلباً على اليورو. وطالما أن شبح الركود يلوح في الأفق فوق الاتحاد الأوروبي، فمن المنطقي أن نتوقع أن يواجه اليورو صراعات مستمرة.
بالمقابل، تظهر الولايات المتحدة مشهداً اقتصادياً مختلفاً. من المتوقع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من الابقاء على موقف مستقر بشأن قراراته بشأن معدلات الفائدة مؤخراً، بزيادة معدلات الفائدة مرة أخرى على الأقل. ومن المحتمل أيضاً أن يحافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي على سياسة متشددة لفترة ممتدة. ومن المرجح أن يستمر هذا الاختلاف في السياسة بدفع رأس المال من أوروبا إلى الولايات المتحدة، حيث يُنظر إلى الاستثمارات باعتبارها أكثر أماناً وأكثر ربحية.
في هذه البيئة، يجب النظر إلى أي علامات على الإرهاق بعد الارتفاعات قصيرة المدى على أنها فرص للاستفادة من "الدولار الأمريكي الرخيص". في الوقت الحالي، لا يبدو أن هناك سيناريو معقول يكون فيه الشراء خياراً قابلاً للتطبيق، نظراً لظروف السوق السائدة والتوقعات الاقتصادية على جانبي المحيط الأطلسي.
في النهاية، فإن التراجع الكبير في قيمة اليورو يعد مظهر من مظاهر المخاوف الاقتصادية الأوسع واتجاهات السوق. تساهم قوة الدولار الأمريكي، إلى جانب عدم اليقين الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، في المشاكل المستمرة لليورو. يحتاج المستثمرون والمشاركين في السوق إلى التعامل مع هذا المشهد بحذر، ومراقبة المؤشرات طويلة المدى والتطورات الاقتصادية العالمية لاتخاذ قرارات مدروسة. ويؤكد سيناريو السوق الحالي على أهمية الانتباه والتفكير الاستراتيجي في التحرك في عالم معقد من التمويل الدولي وتداول العملات.
