من المحتمل جداً أن يعتمد الاختلاف بين النجاح والفشل في تداول الفوركس في الغالب على أزواج العملات التي تختار التداول بها كل أسبوع وفي أي اتجاه، وليس على طرق التداول الدقيقة التي قد تستخدمها لتحديد نقاط الدخول والخروج من التداول.
عند بدء أسبوع التداول، من الأفضل إلقاء نظرة على الصورة الكبيرة لما يتطور في السوق ككل وكيف تتأثر هذه التطورات بالأساسيات الكلية ومعنويات السوق.
يقع العالم في قبضة أزمة جيوسياسية كبرى تنتج اتجاهات قوية جداً في أسواق السلع والفوركس، لذلك فهو وقت ممتع للتداول في السوق.
الصورة الكبيرة 6 مارس 2022
كتبت الأسبوع الماضي أن أفضل صفقة لهذا الأسبوع كانت على الأرجح أن تكون صفقة شراء لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني بعد إغلاق يومي (في نيويورك) فوق المستوى 116.13. لم يتم تشكل هذا الإعداد هذا مطلقاً، لذا لم يكن هناك تداول الأسبوع الماضي.
يهيمن الغزو الروسي لأوكرانيا على الأخبار اليوم، وهو الآن في يومه الحادي عشر. كان للغزو والقتال وما نتج عنه من أزمة سياسية واقتصادية تأثيران واضحان وقويان للغاية على الأسواق المالية: فقد زادت قيمة بعض السلع، ولا سيما النفط الخام والغاز الطبيعي الأوروبي والقمح، بشكل كبير، في حين انخفض اليورو بشكل كبير نسبة إلى جميع العملات الرئيسية تقريباً.
من الواضح أن الدفاع الأوكراني كان أكثر فاعلية بكثير مما توقعته القيادة الروسية أو أي شخص آخر، وأن الخسائر الروسية قد تقترب بالفعل من 10000 قتيل - ما يقرب من ثلثي إجمالي خسائر الاتحاد السوفيتي في الحرب التي استمرت 10 سنوات في أفغانستان في الثمانينيات.
استجاب الناتو والاتحاد الأوروبي والحلفاء المرتبطون به من خلال توضيح أنهم لن يتدخلوا عسكرياً أو يرسلون طائرات، مما يقلل من فرصة اندلاع حرب أوروبية واسعة النطاق، لكنهم يرسلون أسلحة متطورة للغاية بالإضافة إلى تيار من الجنود المتطوعون، والذي يبدو أنه يبطئ التقدم الروسي.
على الصعيد الاقتصادي، تم فرض عقوبات شديدة على روسيا والاقتصاد الروسي، مع انسحاب المزيد والمزيد من الشركات من روسيا أو إغلاق العمليات والمبيعات هناك، في حين تم عزل العديد من البنوك الروسية عن نظام SWIFT. كما يتم الاستيلاء على الأصول الروسية في الخارج وتجميدها. سيؤدي هذا إلى قدر كبير من المعاناة الاقتصادية في بلد يتمكن الكثير من الناس فيه بالكاد على العيش من راتب إلى آخر. ومع ذلك، يبدو من المرجح أن تتجنب صادرات النفط الروسية العقوبات الغربية، على الرغم من أن المشترين الغربيين يتجنبون إلى حدٍ كبير شراء النفط الروسي على أي حال.
نرى تعطيلا كبيرا للصادرات الروسية والأوكرانية. توفر هذه البلدان كمية كبيرة من المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والذرة، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية الأخرى مثل الأسمدة. شهدت هذه الفئة من السلع الزراعية ارتفاعات هائلة في الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية، ومن الصعب رؤية كيف يمكن أن تنخفض الأسعار في أي وقت قريب إذا لم يتم إنهاء الصراع بسرعة.
شهد الأسبوع الماضي انخفاض العدد العالمي لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الجديد مرة أخرى للأسبوع السادس على التوالي. تلقى ما يقرب من 63.2٪ من سكان العالم الآن جرعة واحدة من اللقاح على الأقل.
تحدث أقوى معدلات النمو في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الجديد بشكل عام في الوقت الحالي في بروناي والصين وكوريا الجنوبية وليختنشتاين وماليزيا ونيوزيلندا وسنغافورة وتايلاند وتونغا وفيتنام.
التحليل الأساسي ومعنويات السوق
كان النموذج السائد في السوق في السنوات القليلة الماضية هو الإقبال على المخاطرة مقابل تجنب المخاطرة، حيث ارتفعت الأسهم والسلع والعملات ذات المخاطر العالية من ناحية، وارتفع الدولار الأمريكي والين الياباني والفرنك السويسري على نطاق واسع من ناحية أخرى. وقد انقلب هذا الوضع رأساً على عقب في البيئة الحالية، حيث نرى الأسهم تتراوح والسلع ترتفع واليورو ينخفض، بينما يُظهر الدولار الأمريكي والين الياباني بعض القوة النسبية. أصبح النموذج غير واضح، وكل شيء تهيمن عليه الصدمات الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. من المرجح جداً أن تكون الأسواق الأسبوع المقبل تحت سيطرة التطورات في هذا المجال مع مستوى عالٍ من التقلبات. علاوة على ذلك، هناك عدد قليل من البيانات الاقتصادية المقرر صدورها هذا الأسبوع، مرتبة حسب الأهمية:
- بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي (التضخم)
- سعر إعادة التمويل الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي وبيان السياسة النقدية
- تغيير العمالة الكندية ومعدل البطالة
- ثقة المستهلك الأولية الأمريكية
التحليل الفني
مؤشر الدولار الأمريكي
يُظهر الرسم البياني الأسبوعي للسعر أدناه أن مؤشر الدولار الأمريكي قد شكل شمعة شبه مسمارية كانت أيضاً قريبة من الدوجي الأسبوع الماضي، حيث واصل السعر التدعيم بين مستوى الدعم عند 12174 ومستوى المقاومة عند 12293. ولكن لا يزال هناك اتجاه تصاعدي قائم طويل المدى، مع ارتفاع السعر عما كان عليه قبل 6 أشهر، وبالكاد أعلى مما كان عليه قبل 3 أشهر، مما يعني أن الاتجاه التصاعدي يقترب من نهايته. كما نرى مستوى المقاومة السابق عند 12257 يصبح دعما جديدا وهي إشارة تصاعدية ضعيفة. إذا استمر هذا الوضع ومستوى الدعم عند المستوى 12174 بالصمود، فمن المرجح أن يتسارع الاتجاه التصاعدي طويل المدى.
بشكل عام، يبدو واضحاً أنه لا يزال لدينا صورة تصاعدية للدولار الأمريكي على المدى الطويل والمتوسط ، ولكن في سوق الفوركس، يبدو أن العملة الأمريكية ليست المحرك الرئيسي للأسعار في الوقت الحالي. قد يكون هذا هو الوقت المناسب لتداول أزواج العملات التي لا تتضمن الدولار أو السلع.
اليورو/الدولار الأمريكي
أحدث الغزو الروسي لأوكرانيا صدمة كبيرة في أوروبا. كان اليورو بالفعل في اتجاه تنازلي طويل الأمد، لكن خطر اندلاع حرب تشمل حلف شمال الأطلسي في أوروبا، على الرغم من ضآلته، أثر بشكل واضح على اليورو. كان للتداعيات الاقتصادية لفرض عقوبات على روسيا تأثير كبير أيضاً. ضعف اليورو هو السمة المميزة لسوق الفوركس اليوم.
كان الانخفاض من الجمعة إلى الجمعة في هذا الزوج من العملات هو الأكبر الذي شوهد لعدة أشهر، حيث أنهى السعر الأسبوع عند أدنى مستوى جديد خلال 18 شهراً.
من المحتمل جداً أن ينخفض سعر هذا الزوج مرة أخرى خلال الأسبوع القادم.
الدولار الأمريكي/الروبل الروسي
خسر الروبل الروسي حوالي نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي وتقريباً كل العملات الأخرى الأسبوع الماضي. ومع ذلك، فمن المستحيل عمليا تداول الروبل لأنه بالكاد قابل للتحويل الآن، ولا يوجد وسطاء فوركس يقدمونه على أي حال.
وتجدر الإشارة إلى أن العملة التي تفقد نصف قيمتها في أسبوع تكون على وشك الانهيار.
سوق خام WTI
شهد الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار نفط خام WTI في أكبر ارتفاع له على الإطلاق، بسبب الصدمة الجيوسياسية للغزو الروسي، بالإضافة إلى حقيقة أن روسيا مُصدِّر رئيسي للنفط الخام، وتخشى العديد من الدول شرائه في حالة فرض عقوبات عليه.
يبدو من المرجح أن يرتفع السعر، حيث وصل بالفعل إلى أعلى مستوى جديد خلال 13 عاماً بزخم قوي للغاية، ولكن من الملاحظ أن الإغلاق الأسبوعي كان أقل من مستوى المقاومة عند 115 دولار والذي حددته قبل أيام قليلة.
قد يتم رفع العقوبات عن النفط الإيراني قريباً، مما قد يؤدي إلى انخفاض السعر لأنه سيزيد العرض.
القمح
تصدر أوكرانيا وروسيا أكثر من 11 مليار دولار من القمح سنوياً، وهو جزء كبير من سوق القمح العالمي.
شهد الأسبوع الماضي ارتفاعا في أسعار القمح بأكثر من أي سلعة رئيسية أخرى، بنحو 40٪.
كان المستثمرون والمضاربون يشترون العقود الآجلة للقمح، وكان صندوق Teucrium Wheat هو المستفيد الرئيسي.
يعتبر شراء القمح تداول محفوف بالمخاطر، حيث أن التقلبات عالية للغاية، والأخبار الجيدة للسوق قد تشهد انهيار الأسعار بشكل كبير. ومع ذلك، هناك مخاوف بالفعل من أن محصول القمح الأوكراني للعام المقبل، والذي يجب زراعته قريباً، يمكن أن ينخفض بشدة، وهذا عامل آخر دفع السعر للأعلى بقوة.
إذا استمرت الحرب، فمن المحتمل أن يظل سعر القمح مرتفعاً. ومع ذلك، فمن الجدير بالذكر أن السعر انخفض بشكل حاد من أعلى مستوى له يوم الجمعة.
الذرة
تصدر أوكرانيا ما يقرب من 5 مليارات دولار من الذرة سنوياً، وهي حصة كبيرة من سوق الذرة العالمي.
شهد الأسبوع الماضي ارتفاع أسعار الذرة بنسبة 20٪ تقريباً.
كان المستثمرون والمضاربون يشترون العقود الآجلة للذرة، وكان صندوق Teucrium Corn هو المستفيد الرئيسي.
يعد شراء الذرة تداول محفوف بالمخاطر حيث أن التقلبات عالية جداً، ولكن إذا استمرت الحرب، فمن المحتمل أن يظل سعر الذرة مرتفعاً. إنها تعمل بالفعل للوصول إلى مستويات لم نشهدها منذ سنوات.
البلاديوم
شهد الأسبوع الماضي ارتفاع البلاديوم، المعدن النادر، بقوة أكبر من أي وقت منذ صدمة فيروس كورونا عام 2020. أغلق السعر عند أعلى مستوى له، قريب جداً من نقطة الانعطاف التي حدثت العام الماضي، والتي يمكن أن تكون بمثابة مقاومة. ومع ذلك، فإن الزخم التصاعدي قوي للغاية، مع زيادة بنسبة 20٪ تقريباً خلال الأسبوع الماضي، مما يعني أنه من المحتمل حدوث ارتفاع إضافي في الأسعار خلال الأيام المقبلة.
روسيا هي المصدر الرئيسي للبلاديوم في العالم، وهناك مخاوف متزايدة من أن الوضع الجيوسياسي سيعطل بشكل كبير إمدادات البلاديوم.
الذهب
ارتفع سعر الذهب بقوة الأسبوع الماضي، ولكن بنسبة أقل بكثير من السلع الأخرى التي تمت مناقشتها سابقاً. هذا يرجع في الغالب إلى زيادة معنويات الابتعاد عن المخاطرة، على الرغم من أن نموذج المخاطرة أصبح أقل أهمية من حيث شروطه النموذجية. مع إظهار كل من العملات الورقية والعملات المشفرة نقاط ضعفها الهيكلية، يبدو الذهب جذاباً للغاية في الوقت الحالي.
من الناحية الفنية، أغلق ارتفاع الأسبوع الماضي عند أعلى مستوى له، وهو أدنى مستوى كان عليه الأسبوع السابق. يشير هذا الزخم القوي إلى أن من المحتمل أن يكون هناك ارتفاع آخر خلال الأيام المقبلة، وليس من المستحيل حتى أن نشهد اختباراً لأعلى مستوى على الإطلاق تم تحقيقه في عام 2020 عند 2075 دولار.
الخلاصة
أرى أن أفضل الفرص في الأسواق المالية هذا الأسبوع من المحتمل أن تكون بيع لزوج اليورو/الدولار الأمريكي، وشراء لكلٍ من خام WTI والذهب والقمح والذرة. يمكن أن يكون التقلب في هذه السلع مرتفعاً للغاية، لذا يجب أن يتم تحديد حجم المراكز التداولية بشكل متحفظ. يجب استخدام أمر وقف الخسارة المتحرك وليس الخروج المعتمد على الوقت.