من المحتمل جداً أن يعتمد الاختلاف بين النجاح والفشل في تداول الفوركس في الغالب على أزواج العملات التي تختار التداول بها كل أسبوع وفي أي اتجاه، وليس على طرق التداول الدقيقة التي قد تستخدمها لتحديد نقاط الدخول والخروج من التداول.
عند بدء أسبوع التداول، من الأفضل إلقاء نظرة على الصورة الكبيرة لما يتطور في السوق ككل وكيف تتأثر هذه التطورات بالأساسيات الكلية ومعنويات السوق.
بدأ العالم يشهد ارتداداً للمشاعر من أزمة جيوسياسية كبرى تنتج بعض الاتجاهات القوية في الأسواق، لذا فهو وقت ممتع للتداول.
التحليل الأساسي ومعنويات السوق
كتبت الأسبوع الماضي أن أفضل صفقة لهذا الأسبوع كانت على الأرجح أن تكون صفقة شراء لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني، وربما صفقة شراء على زخم تصاعدي قوي للغاية في مؤشر S&P500. كانت هذه نظرة رائعة حيث ارتفع زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني بنسبة 2.47٪، بينما ارتفع مؤشر S&P500 أيضاً خلال الأسبوع بنسبة 1.81٪.
لا يزال الغزو الروسي لأوكرانيا يهيمن على الأخبار، والذي دخل أسبوعه الخامس. ومع ذلك، يبدو أنه لم يعد له تأثير كبير على الأسواق، حيث يتم تداول جميع السلع التي عززها، وعلى الأخص النفط الخام والقمح، ضمن نطاقات سعرية طبيعية أكثر.
كان الرئيس الأمريكي بايدن في بولندا أمس، حيث دعا بوضوح وعلانية إلى تغيير النظام في روسيا قبل أن يتراجع مكتبه عن التعليقات بعد رد فعل روسي قوي. كما دعا بايدن إلى إخراج روسيا من مجموعة دول مجموعة العشرين.
يبدو أن القوات الأوكرانية حاربت الروس نحو ما يشبه الطريق المسدود، باستثناء المنطقة الشرقية من البلاد، حيث قد يتمكن الروس من تعزيز مكاسبهم. من الواضح أن الدفاع الأوكراني كان أكثر فاعلية بكثير مما توقعته القيادة الروسية أو أي شخص آخر، وقد تتجاوز الخسائر الروسية بالفعل 10000 قتيل - ما يقرب من ثلثي إجمالي خسائر الاتحاد السوفيتي في الحرب التي استمرت 10 سنوات في أفغانستان في الثمانينيات. تم فرض عقوبات شديدة على روسيا والاقتصاد الروسي، حيث انسحبت العديد من الشركات متعددة الجنسيات من روسيا أو أغلقت العمليات والمبيعات هناك، بينما تم عزل العديد من البنوك الروسية عن نظام SWIFT. كما يتم الاستيلاء على الأصول الروسية في الخارج وتجميدها. سيؤدي هذا إلى حجم كبير من المعاناة الاقتصادية في بلد حيث بالكاد يحصل فيه الكثير من الناس على دخولهم من الرواتب. حظرت الولايات المتحدة واردات النفط الروسية، لكن الاتحاد الأوروبي ودول أخرى ترفض القيام بذلك.
على الرغم من الصراع المقلق في أوكرانيا، واصلت الأسواق تحولها نحو معنويات ونمط المخاطرة خلال الأسبوع الماضي، مع ارتفاع أسواق الأسهم، والسلع قوية بشكل عام، والعملات مختلطة، والين الياباني ضعيف للغاية. يمكن تفسير ذلك على الأرجح بثلاثة عوامل:
- تعافت الأسواق من الصدمة الأولية للغزو الروسي لأوكرانيا، والتي يُنظر إليها الآن على أنها من غير المرجح أن تتحول إلى صراع أوسع، أو حتى أن تنتهي بأي نوع من الانتصار الروسي. هذا الرأي تعززه حقيقة أن روسيا وأوكرانيا تجريان ما يبدو أنه محادثات سلام أكثر جدية.
- استجاب بنك اليابان المركزي لمعدل التضخم الياباني المنخفض نسبياً (من حيث مجموعة السبع)، والذي لا يزال أقل من هدف البنك البالغ 2٪، بقوله إنه سيستمر في السياسة النقدية المتساهلة حتى يتم الوصول إلى نسبة التضخم 2٪. وهذا يجعل بنك اليابان مختلفاً جداً عن جميع البنوك المركزية الرئيسية الأخرى تقريباً والتي تعمل على تشديد السياسة ويعطي دعماً قوياً لاستمرار ضعف الين الياباني.
- استمرار النمو القوي للوظائف والأجور في الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن الأساسيات الاقتصادية سليمة بصرف النظر عن ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى خلال 40 عاماً ومعنويات المستهلكين عند أدنى مستوى لها خلال 11 عاماً، وهو ما لم يكن كافياً بشكل مفاجئ لتحريك المزيد من الانزلاق في سوق الأسهم الأمريكية. يشير بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن الزيادات المستمرة في أسعار الفائدة ستستمر وبوتيرة متزايدة لسحب جميع التحفيز النقدي المتبقي.
في أخبار أخرى الأسبوع الماضي:
- جاء التضخم البريطاني أعلى من المتوقع، حيث بلغ عند أعلى معدل سنوي جديد خلال 30 عاماً بنسبة 6.2٪، مقارنة بمعدل 6.0٪ الذي كان متوقعاً. رفعت ميزانية الحكومة البريطانية العبء الضريبي الإجمالي إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 70 عاماً.
- جاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات الألماني التصنيعي والخدمات أعلى إلى حدٍ ما مما كان متوقعاً.
- حافظ البنك السويسري الوطني على سعر الفائدة عند -0.75٪ وصرح بأن التكافؤ مع اليورو ليس مهماً.
شهد الأسبوع الماضي انخفاضاً طفيفاً في العدد العالمي لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الجديد. تلقى ما يقرب من 64.2٪ من سكان العالم الآن جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، ومن المعروف أن 7٪ أصيبوا بالفيروس.
تحدث أقوى معدلات النمو في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا الجديد بشكل عام في الوقت الحالي في أستراليا وقبرص وفرنسا وإيطاليا ولاوس ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وساموا وتونجا والمملكة المتحدة وفانواتو.
الأسبوع المقبل: 28 مارس - 1 أبريل 2022
من المرجح أن يكون الأسبوع القادم تحت سيطرة الضعف المستمر للين الياباني والقوة العامة في السلع الزراعية والمعادن النفيسة والدولار الأسترالي. معدل التذبذب مرتفع للغاية ومن المرجح أن يظل كذلك على الرغم من أن الأسبوع القادم قد يشهد حركات سعرية أصغر إلى حدٍ ما.
هناك عدد قليل من البيانات الاقتصادية المقرر صدورها هذا الأسبوع، مرتبة حسب الأهمية المحتملة:
- بيانات جداول الرواتب غير الزراعية الأمريكية، ومتوسط الأجور بالساعة، وبيانات البطالة
- بيانات مؤشر أسعار PCE الأساسي الأمريكي
- بيانات الناتج المحلي الإجمالي الكندي
- فرص العمل في الولايات المتحدة من JOLTS
كما سيكون هناك اجتماع لمنظمة أوبك.
التحليل الفني
مؤشر الدولار الأمريكي
يُظهر الرسم البياني الأسبوعي للأسعار أدناه أن مؤشر الدولار الأمريكي ارتفع الأسبوع الماضي، تماشياً مع الاتجاه التصاعدي طويل المدى، حيث شكل شمعة داخلية تصاعدية صغيرة، وإن كان ذلك بفتيل علوي ملحوظ يشير إلى بعض الضعف. سوف يتشجع التصاعديون على الدولار من أن أقرب مستوى دعم، الموضح باللون الأزرق عند 12293 على الرسم البياني أدناه للسعر، قد استمر بالصمود، مما يعطي الأمل في أن الدولار سيستأنف تقدمه بقوة أكبر.
قد يكون من الحكمة النظر إلى العملات الأخرى كمحركات رئيسية لسوق الفوركس خلال الأسبوع المقبل، حيث نشهد التحركات الأكثر وضوحاً مقابل الين الياباني، ولصالح العملات غير الدولار الأمريكي، وخاصة عملات السلع مثل الدولار الأسترالي.
مؤشر S&P500
ارتفع مؤشر سوق الأسهم الأكثر أهمية في العالم، S&P500، مرة أخرى الأسبوع الماضي، على الرغم من أنه قبل أسبوعين شكل "تقاطع موت"/"تقاطع تنازلي" (تقاطع المتوسط المتحرك لـ 50 يوماً دون المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم) الذي هو يعد الأول منذ صدمة فيروس كورونا في مارس 2020.
أغلق السعر يوم الجمعة بزخم تصاعدي قوي على المدى القصير مرة أخرى فوق المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم. هذه إشارات تصاعدية، لكنني ما زلت أرى سوق الأسهم الأمريكية كتداولات غير مؤكدة في الوقت الحالي بسبب علامات تدهور طلب المستهلكين وتشديد السياسة النقدية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي. قد تكون تداولات الشراء اليومية على زخم قوي قصير الأجل هي أفضل استراتيجية هنا خلال الأسبوع المقبل.
هناك مستوى مقاومة رئيسي واضح عند 4596 يجب على الحركة التصاعدية الحذر منه.
الدولار الأمريكي/الين الياباني
حقق زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني ارتفاعاً أسبوعياً قوياً للمرة الثالثة على التوالي الأسبوع الماضي، وأغلق بالقرب من أعلى مستوى له عند أعلى سعر إغلاق شهده منذ أكثر من 6 سنوات. في الواقع، كانت حركة الأسبوع الماضي هي الأقوى منذ عدة سنوات. هذه إشارات تصاعدية للغاية، حيث أظهر الين الياباني أكبر ضعف بين جميع العملات الرئيسية مما يضع هذا الزوج في بؤرة التركيز الآن. لقد أجريت توقعات جيدة الأسبوع الماضي معتبراً هذا الزوج بمثابة فرصة شراء.
على الرغم من كل هذه الإشارات التصاعدية، هناك سبب يدفع الحركة التصاعدية إلى توخي الحذر هنا: فقد وصل السعر إلى نقطة انعطاف عند 122.32 والتي صمدت حتى الآن كمقاومة. شهد يوم الجمعة أيضاً انخفاضاً قوياً لأكثر من متوسط النطاق الحقيقي لليوم (ATR) بناءً على التقلبات الأخيرة، ويمكن أن يكون هذا إشارة إلى أن الحركة التصاعدية قد أنهت مسارها، على الأقل لفترة من الوقت. مع ذلك، انتعش السعر خلال بقية اليوم ليغلق فوق المستوى 122.00.
أعتقد أن بيع الين الياباني يظل جذاباً كتداول شراء، ولكن يحتاج المتداولين إلى الحذر بشأن نقاط وقف الخسائر والتأكد من أنها ضيقة للغاية، حيث قد يحتاج السعر الآن إلى التدعيم لفترة من الوقت قبل استئناف ارتفاعه.
الدولار الأمريكي/الراند الجنوب أفريقي
كان الراند الجنوب أفريقي عملة قوية للغاية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يتحرك تصاعدياً باستمرار مقابل الدولار الذي كان بحد ذاته في اتجاه تصاعدي طويل المدى. كما ارتفع الدولار مقابل سلة من العملات الأسبوع الماضي، ولكنه انخفض بقوة أمام الراند، كما يمكن رؤيته في الرسم البياني للسعر أدناه.
شهدت حركة السعر الأسبوع الماضي إغلاقاً بالقرب من أدنى مستوى لنطاق الأسبوع، وكان أدنى إغلاق أسبوعي منذ سبتمبر 2021.
هناك أسباب وجيهة للبحث عن صفقة بيع هنا لاستغلال الزخم التنازلي، ولكن يجب على الحركة التنازلية الانتباه إلى النقطة المنخفضة التي قد تكون انعكاسية عند المستوى 14.3518 والتي قد تكون داعمة.
الدولار الأسترالي/الين الياباني
كان الدولار الأسترالي العملة الأقوى خلال الأسبوع الماضي وخلال شهر مارس، بينما كان الين الياباني هو الأضعف. يقع هذا التقاطع في قلب سوق الفوركس الآن. يعتبر الين ضعيفاً حيث يريد بنك اليابان المركزي رفع التضخم إلى 2٪، في حين أن الدولار الأسترالي قوي بسبب تحسن معنويات المخاطرة العالمية وانتعاش قطاع السلع نسبياً فيما يتعلق بالصادرات الأسترالية.
من الناحية الفنية، ارتفع السعر إلى أعلى مستوى جديد له منذ 6.5 سنوات، مما أدى مرة أخرى إلى ارتفاع قوي للغاية الأسبوع الماضي - كان هذا أكبر ارتفاع أسبوعي في هذا الزوج منذ سنوات عديدة.
القطن
كان القطن في اتجاه تصاعدي ثابت للغاية منذ أبريل 2020 وارتفع بقوة الأسبوع الماضي على تقلب فوق المتوسط ليغلق مباشرة عند أعلى مستوى له خلال عدة سنوات. وبالتالي، قد يكون الشراء في سوق القطن أمراً مثيراً للاهتمام لمتداولي الاتجاه الآن، ولكن يجب تحديد المخصصات لتقلبات هذه السلعة التي عادة ما تكون عالية التقلب، كما هو الحال مع السلع الزراعية الأخرى. يجب استخدام أحجام الصفقات الصغيرة إذا تم تداول ETF أو العقود الآجلة للقطن.
الخلاصة
أرى أن أفضل الفرص في الأسواق هذا الأسبوع من المحتمل أن تكون صفقات شراء لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني، ومن المحتمل أن تكون هناك تداولات شراء يومية على زخم تصاعدي قوي للغاية في مؤشر S&P500. قد تكون هناك أيضاً فرصة تداول بيع على زوج الدولار الأمريكي/الراند الجنوب أفريقي.