إعادة تقييم العملة– أمر حتمي؟

يعتبر موضوع إعادة تقييم العملات العالمية أمر مثير للخلاف. مقابل كل خبير يتوقع حتمية هذا الأمر، هناك إثنان آخران يقولان بأن الأمر مستحيل. أن توافق جميع الدول على تبني معيار عملة جديد، أو العودة إلى معيار الذهب، يبدو أمر غير محتمل. من الناحية المنطقية، يحتاج الأمر إلى كارثة عالمية لكي تحصل الحكومات المتعددة على الحافز لكي تفكر جدياً بإعادة تقييم العملة، بحسب ما كتبه مديرة التواصل لدى FXTM، "إما ديفيدسون".

احتاج الأمر إلى حربين عالميتين والتهديد بالوقود في ركود عالمي ثاني من أجل تشجيع الدول الحلفاء على وضع معيار العملة في الأربعينات. قامت إتفاقية "بريتون وودس" بتثبيت معيار الذهب العالمي إلى الدولار الأمريكي، وأنشأت في النهاية نظام عملات "السعر المرتبط". وافق الأعضاء على المحافظة على أسعار الصرف، معتمدين على مقاييس توريد المال وتداول العملات من أجل ضمان بقاء عملاتهم ضمن نطاق تساوي بنسبة 1% مع الدولار الأمريكي.

يعني هذا الأمر، بأن الدولار الأمريكي، كعملة الإحتياط الأساسية، تولى الدور الذي كان يلعبه الذهب في السابق في النظام المالي العالمي. كانت إتفاقية "بريتون وودس" تجربة على مستوى العالم، وقد فشلت، كما توقع الكثير. من خلال إنهاء تحويل الدولار إلى ذهب عام 1971، وقعت إدارة "نيكسون" بشكل فعلي على أمر إنهاء الإتفاقية. بدأت عدد من العملات بالتحرك بشكل حر، ويتم تحديد قيمها بناءاً على القوى السوقية، وبحلول العام 1973، فتحت بريتون وودس الطريق لأسعار الصرف الحرة التي تحكم تداولات فوركس.

قيمة أسعار الصرف الثابتة مقابل العائمة تعتبر موضوع عام في إعادة تقييم العملات. الأزمة الإقتصادية عام 2008 كانت أقرب ما وصلنا إليه كحدث عالمي لديه القوة لتحفيز التغير في السياسة المالية العالمية. ولكن، من أجل تطبيق إعادة التقييم، تحتاج البنوك المركزية إلى قبول حدود على قدرتها على تنفيذ إجراءات توريد المال. حتى في أوج الأزمة، لم يكن أحداً في وضع يائس بما يكفي لتسليم السيطرة على السياسة النقدية الوطنية. مع هذا، علمتنا الأزمة بأن علينا أن نعيد التفكير بالطريقة التي ندير فيها تقلبات العملة.

ظهور "حقوق السحب الخاصة" (SDRs). أنشأت في أواخر الستينات كرد على أزمة الدولار الأمريكي، قيمة SDR كانت مددة في البداية عند 0.888671 غرام من الذهب – والذي، في ذلك الوقت، كان يعادل دولار أمريكي واحد. بعد إنهيار نظام "بريتون وودس" عام 1973، أعيد تحديد SDR كسلة من العملات. وحدات SDR تتكون من "سلة" مثقلة من العملات – الدولار الأمريكي واليورو والجنيه البريطاني والين الياباني و (مؤخراً) الرينمينبي. كما أظهرت الصين كذلك إهتماماً بارزاً بالآلية، الأمر الذي لا يعتبر مفاجئاً. الدولة تتحدث بشكل متزايد عن مواضيع التمويل العالمي، وربط العملات الدولية بـ SDR سوف يعطيها نفوذ أكبر على الساحة الدولية.

مع هذا بالإعتبار، تعاني الـ SDR من قلة أساسية في السيولة. حالياً، على الأقل، لا يوجد عدد كافي من "السلال" التي يتم تدويرها لدعم السياسة المالية العالمية. سواءاً أكان هذا الأمر جيداً بالنسبة للصين أو لا، يبقى غير معروف. يدافع بعض الإقتصاديين عن الرينمينبي بأنه سوف يكون عملة الإحتياط القادمة، على الرغم من الحدود الحالية في التداول. السؤال المتعلق بشرعية إحصائيات النمو الصينية هو من الأسئلة التي يجب التعامل معها بنوع من العجلة، ولكن الحقيقة تبقى أن الإقتصاد الصيني مهيئ لتجاوز الدول الغربية المتطورة خلال العقدين القادمين، ومن الحتمل أن نتداول أكثر بالرينمينبي في المستقبل. يتوقع أغلبية الإقتصاديين فعلاً أن الصين سوف تصل في النهاية إلى المركز الأول في الناتج القومي الإجمالي.

يبقى موضوع إعادة تقييم العملات العالمية موضوعاً مثير للجدل، ومن أهم أسباب ذلك هو النظام الحالي للتحرك الحر للعملات الورقية متقلب، ومن السهل أن يتأثر بالمتغيرات الخارجية مثل السياسات والصراعات وأسعار السلع – الأمر الذي لاحظه أي شخص لديه إهتمام بتداولات فوركس خلال العام 2017. السنوات المضطربة من الممكن أن تفيد أنصار إعادة التقييم، ولكن الجهود الهائلة اللازمة لتطبيق هذا الأمر تعتبر عقبة كبيرة يجب تجاوزها. هل عملية إعادة تعيين العملة العالمية أمر حتمي؟ ربما لا، ولكن إن نظرت إلى الأحداث الأخيرة، مثل إنتخاب ترامب و بريكسيت وحماقة إنتخابات ثيريزا ماي، فإن كل شيء ممكن.

إخلاء مسؤولية: يحتوي هذا المقال على آراء وأفكار شخصية يجب أن لا تفسر على أنها تحتوي على نصيحة شخصية و/أو أ نوع من النصائح الإستثمارية الأخرى و/أو عرض و/أو حث لأي معاملة في الأدوات المالية و/أو ضمان و/أو تنبئ بأداء مستقبلي. شركة FXTM والشركات التابعة والوكلاء والمدراء والضباط أو الموظفين لا يضمنون دقة أو صلاحية أو توقيت أو إكتمال أي من المعلومات أو البيانات المقدمة ولا يتحملون أي مسؤولية بشأن أي خسائر تنتج من أي إستثمار بناءاً على هذا الأمر.

تحذير من المخاطر: هناك مستوى مرتفع من المخاطر المرتبطة بالتداول بمنتجات الرفع التداولي مثل فوركس وعقود الفروق. عليك أن لا تخاطر بأكثر مما يمكنك تحمل خسارته، من الممكن أن تخسر أكثر من إستثمارك الأصلي. عليك أن لا تتداول إلا إن كنت تفهم بالكامل المدى الحقيقي لإنكشافك على خطر الخسارة. عند التداول، عليك دائماً أن تأخذ بالإعتبار مستوى خبرتك. إن كانت المخاطر المرتبطة بالتداول تبدو غير واضحة بالنسبة لك، يرجى الحصول على نصيحة مالية مستقلة.

طاقم ديلي فوركس
يتألف طاقم ديلي فوركس من محللين وباحثين من دول عربية وأجنبية مختلفة، يراقبون حركة سوق التداول وأسعار العملات على مدار اليوم بهدف توفير أدق وأسرع التحاليل الفنية والأساسية ووجهات نظر متنوعة وفريدة من نوعها لجمهور المتصفحين والمتداولين.