عادة ما يحاول أي زعيم أن يعطي نفسه مساحة كبيرة للمناورة قدر الإمكان في مفاوضات صعبة، خاصة حول أي شيء مثير للجدل. ولكن السيدة ماي ليست كذلك. في ليلة اجتماع الاتحاد الأوروبي في سالزبورغ، استبعدت السيدة ماي إمكانية الطلب من الاتحاد الأوروبي بتمديد فترة إشعار A50. يوم الخميس، بعد خطابها لقادة الاتحاد الأوروبي على العشاء حيث كان وقع قراءتها لمقالها الموزع على مختلف الصحف الألمانية مثل بالون الرصاص، أوضح القادة أن خطة "التشيكرز" غير مقبول بصيغتها الحالية. ثم عقدت بعد ذلك مؤتمرًا صحفيًا مستقلًا في لندن حيث بدت ملامح الغضب واضحة عليها شكل واضح وطالبت بأن يتم "احترام" المملكة المتحدة من قبل الاتحاد الأوروبي (من الواضح أنها شعرت بالإهانة) وأكدت أن اقتراح "التشيكرز" المرفوض كان هو الاتفاق الوحيد القابل للتطبيق وعلى الاتحاد الأوروبي شرح سبب عدم قبوله وتقديم اقتراحاته الخاصة لحل مشكلة الحدود الإيرلندية (فقد استبعدت مقترحات المفاوضين الأوروبيين لإجراء عمليات تفتيش محدودة للثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية، مدعيةً أنه يضع الحدود في البحر الأيرلندية البحر ويعرض وحدة المملكة المتحدة للخطر).
استبعدت السيدة ماي الآن إجراء انتخابات عامة مفاجئة في الخريف (وهو أمر معقول فعلاً) وكررت مرة أخرى أنها لن توافق على إجراء استفتاء ثانٍ، على الرغم من الدعم المتزايد لـ "تصويت الشعب". بالنظر إلى الخطوط الحمراء للسيدة ماي وكل الأشياء التي استبعدتها (حرية التنقل، ودور محكمة العدل الأوروبية، والعضوية في الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة)، من الصعب أن نرى كيف تأمل أن يتم التوصل إلى أي اتفاق. هناك من يقولون بأن هذا مجرد عرض قبيل مؤتمر حزب المحافظين الأسبوع المقبل وأنها ستكون أكثر واقعية إذا نجت من ذلك. لن أتوقع الكثير لو كنت مكانكم...
في غضون ذلك، عقد حزب العمل المعارض مؤتمره وقرر أنه إذا لم يستطع إجراء انتخابات عامة (ولا يمكنه ذلك)، فإنه سيصادق على "تصويت الشعب" إذا ما رفض البرلمان أي صفقة تحضرها السيدة ماي. ولقد استبعد الحزب دعم سيناريو "عدم وجود صفقة". وهذا يشمل خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي بحسب اقتراع. المشكلة هي أن المعارضة ليس لديها القوة لإجبار الحكومة على إجراء تصويت جديد. حدد حزب العمال ستة اختبارات يجب أن ترضيها أي صفقة للحصول على دعمهم، والأهم هو أنه يجب أن يقدم "نفس الفوائد" كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، ومن حسن الحظ أن حزب العمل لن يدعم أي اتفاق حكومي.
يزعم البعض أنه إذا لم يتم قبول اقتراح السيدة ماي بشأن "التصويت المجدي"، فيمكن أن يُنظر إلى هذا على أنه قضية ثقة وقد يؤدي إلى إجراء انتخابات عامة. ليس لدى المملكة المتحدة الشهرين المتاحين لها لإجراء انتخابات مبكرة قبل أن تنفد ساعة المفاوضات. وباختصار، المملكة المتحدة موجودة في فوضى سياسية كبيرة جدًا. من المحتمل جداً (لكن المثير للجدل) أن تقوم المملكة المتحدة بإلغاء إشعار A50 الخاص بها، ولكن ليس من المؤكد أن الحكومة ستفعل ذلك. في الوقت الحالي، يبدو أن المملكة المتحدة في لعبة بوكر عالية المخاطر، واللاعبون الآخرون يعرفون أنها حاول الخداع في موقف ضعيف جدًا.